الرئيسية
أمي من الجنسية الآسيوية <BLOCKQUOTE> أطل عليكم اليوم بقصة أخرى ستجد ردودا غاية في التباين ولكن من حق جميع أفراد المجتمع أن يكون لهم صوتا. مريم فتاة نحيلة بيضاء البشرة، مرحة و متفوقة و محبوبة من الجميع. لم يكن لمريم صديقات في المدرسة سوى أختها التي تلازمها طوال فترة الفسحة. أترككم معها: مع أني مقبولة من الجميع ولكني لم يكن لي صديقات أبدا، بمعنى أصح لم أرد تكوين صداقات. أي نوع من الصديقات أريد؟ صديقة تسخر منى عندما تكتشف جنسية أمي أم أخرى تصادقني شفقة و رحمة! أنا لست قاسية على أمي أو على نفسي وصدقوني لا أضخم الواقع فالواقع ضخم و مر بما فيه الكفاية. لم أكتشف أنه من الممقوت أن تكون والدتك من جنسية أخرى غير مواطنة إلا عندما دخلت المدرسة. دعوني أعود بكم للوراء قليلا عندما فكر والدي رحمه الله وسامحه أن يتزوج بأمي بعد زواجه بزوجته المواطنة التي كبرت في السن. في الحي كنت دائما أنا بنت "الهندية" و أخواتي هن العربيات بنات "العربية" و لا وجه للمقارنة بيننا. كنت صغيرة ولم أفهم أن تلك التفرقة ترسم خطوطا فاصلة لمن يستحق ولمن يسحق. في البداية كانت كلمة "بنات الهندية" مجرد كلمات تفضيل و مع الوقت تحولت لخناجر لم نستطع احتمالها في عمرنا الصغير. عندما دخلت المدرسة و تحديدا في الصف الرابع الابتدائي تعدت المسألة أمي إلى أهلي فبدأت بعض الفتيات يتغامزن بأن أخوالي "هنود" ولم أفهم ما العيب في ذلك؟ فعائلة أمي مسلمة متدينة تعمل بشرف. حتى في أيام طبق الخير كانت الطالبات يتركن لي الأطباق الهندية كأمر مسلم به. مع بداية كل سنة دراسية وعندما تعرف كل طالبة باسمها تستغرب الفتيات أن اسمي يدل على أني من قبيلة عربية مع بياض بشرتي المميز، فتتولي بقية الطالبات التوضيح مشكورات بأن أمي "الهندية" هي السبب. لا أدري لماذا لم أجد صديقة في المدرسة تقبلني كما أنا فهل علي الكذب بشأن أمي أم أنهن سيصادقنها هي. ذكرياتي أيام المدرسة بالغة القتامة فأذكر أن طالبة في الفصل أتتني لتطلب مني ترجمة أغنية هندية، و أخرى سخرت منى عندما أخطأت في الكلام وقالت بصوت عال "ما تنلامين، أمج هندية!" في البداية كنت أعتقد أننا جميعا عباد الله إخوانا و التفاضل بالتقوى، وهذا حقيقي في غير دولنا الخليجية التي تعتبر العربي فوق البشر، ظننت إني أنتمي لأبي ولكن المجتمع علمني أن من يعيش في الخليج ينتمي و ينسب لأمه و أبيه معا. هم أحرار في تفكيرهم و نظرتهم و تقسيماتهم ولكن دون أن يجرحوا أحدا. قصتي لم تنته في المدرسة و ياليتها انتهت عند هذا الحد. عندما دخلت الجامعة بدأت صديقاتي يخطبن واحدة تلو الأخرى، و بصراحة كنت أتمنى الزواج و أتمنى أن أنجب عددا كبيرا من الأبناء فأنا كخلق الله أحب الأطفال لا كما تبرر زميلتي في السكن "أنتم الهنود قلبكم حساس و عاطفيين". فأصبحت بقدرة قادر و بسبب جنسية أمي من "أنتم الهنود". ولكن الله عوضني بآمنة صديقة حبوبة تزيل عن كاهلي ثقل الحياة. سعادتي بآمنة لم تكتمل، فكانت ثالثة الأثافي عندما طلب مني أخي في يوم أن أخطب له. لا أريد أن أمدح أخي و لكنه موظف ويتقاضى راتبا ممتازا و يحمل شهادة ماجستير من الأردن. استغرق الموضوع ثلاث سنوات كاملات و طلبه يقابل بالرفض. فسألت آمنة إن كانت ستوافق على أخي ولكنها ردت بصراحة أن أهلها لن يوافقوا على أخيها كبقية الناس الذين تقدمت لهم من قبل بسبب جنسية أمي. حينها و رغما عني انهرت في رواق الجامعة، و أخذت أبكي نفسي و أخواتي و أخي الوحيد، أخذت أبكي مستقبلنا الضبابي. حاولت آمنة تهدئتي فسألتها "هل تظنين أن لو أمي ماتت سيتزوج أخى؟" فأجابت بالنفي. تزوج أخي أخيرا من فتاة جميلة طيبة أمها هندية. سأخبركم سرا، كانت تأتيني لحظات كثيرة لا أنام من كثرة البكاء من قسوة المجتمع علي و على أخواتي . و أخرها عند زواج أختي من أبي عندما ذهبنا لنبارك قالت زوجة أبي ساخرة "إن شاء الله بتحصلولكم هنود يتزوجونكم". فما أقسى أن يكون من تحب كثيرا جهة يعايرونك بها دون أن يعلم. و بصراحة لا نريد أن نتزوج ليعايرنا ذلك الزوج بأمنا عند أول خلاف. نعم أمنا هندية و دعوني أخبركم عنها. هي أم حنون عاشت بعيدة عن أهلها لتربينا و قد أحسنت تربيتنا، أنا أحبها كثيرا و أحب جدتي الهندية و أخوالي الهنود فهم الصدر الحاني الوحيد لنا في هذه الدنيا. فهل ستعايروني بأمي لو كانت أمريكية مثلا أو ابنة مهراجا غني؟ عاشت أمي المسكينة بلا صديقات و محل سخرية من زوجة أبي و أخواتها و بناتها. أمي تجرعت الكثير من أجلنا و سامحوني لن أتبرأ منها حتى لو بقينا جميعا بلا زواج أو صديقات. قصة مريم قصة تتكرر كثيرا. مثار السخرية في الموضوع أن بعض شرائح المجتمع تسخر من نفسها فتقلل من عرق و ترفع من آخر ليس في العرق فقط بل في اللون و الوضع المالي و القبيلة نفسها. المشكلة الحقيقة ليست في مريم بل في مجتمع التناقضات الذي يدرس شيء و يطبق شيئا أخرا، و مريم و أخواتها لا تعيبهن والدتهن بل المجتمع الذي لا يرحم. عندما أتى الإسلام جب ما قبله و جب التعصب القبلي والعرقي المنتن فأصبح الناس سواسية، فلم تجرم مريم أن الناس تخلوا عن ما دعا إليه الإسلام و لا يجوز أن تحمل نفسها تبعات التفكير الجاهلي. مريم عليها أن لا تستعذب لعب دور الضحية لأن من أراد العيش بين الأسود عليه أن يكون مثلهم. يا مريم كوني قوية بعلمك والتزامك و شخصك القوي، كوني قوية بنفسك لا بأهلك فمهما حاولت إرضاء الناس فلن تدركيها. و ثقي أن أمك ليست سعيدة بمعاملتها معاملة دونية من المجتمع، فارحميها و بريها. ربما منعتك حساسيتك و تجاربك المدرسية المؤلمة من تقديم نفسك جيدا و تكوين الصداقات وليس جنسية أمك، فلا تلقي بجميع مشاكلك على جنسية أمك. لست وحدك من قاسى في طفولته حتى الطالبة البدينة "العربية" كانت مثار سخرية و تحمل ذكريات سيئة. و لا ترجعي تأخر الزواج إلى أمك فقط ، فالسوق متوقف، وسن الزواج تأخر، ولو أن الله كتب لك الزواج ستتزوجين ولو كانت أمك هندية و أبوك من جزر الواق واق. </BLOCKQUOTE> |
3 مشترك
أمي من الجنسية الآسيوية
nabil- المدير العام
عدد الرسائل : 704
العمر : 37
الموقع : في المنتدى
العمل/الترفيه : Opérateur
المزاج : Tranquilo
رقم العضوية : 01
تاريخ التسجيل : 26/11/2007
الأسد الافريقي- مشرف منتدى الألعاب الإلكترونية
عدد الرسائل : 186
العمر : 34
الموقع : قرب المنتدى
العمل/الترفيه : Etudiant
المزاج : هادئ
رقم العضوية : 02
تاريخ التسجيل : 07/12/2007
رواية رائعة و ننتظر جديدك
mouna- مراقبة عامة
عدد الرسائل : 411
العمر : 31
الموقع : morroco
العمل/الترفيه : التايكواندو و الطبخ
المزاج : هادئة
الأوسمة :
الدولة :
رقم العضوية : 06
تاريخ التسجيل : 01/02/2008
روووعه..مشكووور اخي نبيل...تستحق ألف شكر
مواضيع مماثلة
