قال خبراء اقتصاديون إن الدول الخليجية تجني مجتمعة نحو 60مليار دولار في ميزانياتها عند حدوث زيادة في أسعار النفط بمقدار دولار واحد، الأمر الذي ينعكس بدوره على الناتج المحلي الإجمالي وزيادته بنحو 1في المائة، لكن هؤلاء وصفوا هذه الزيادات ب "الاسمية" نتيجة أنها بالأسعار الحالية .وأعتبر الاقتصاديون الذين تحدثوا ل"الرياض"، أن دول الخليج تعيش في الوقت الراهن بحبوحة اقتصادية جراء الموارد المالية الهائلة التي تتدفق عليها نتيجة ارتفاع أسعار النفط، مؤكدين إن اقتصاديات دول الخليج ستسجل نموا قياسيا خلال العام الجاري في إجمالي الناتج المحلي بسبب الارتفاع العالمي لأسعار النفط، دون تحديد نسب النمو المتوقعة .
ورفض الدكتور عبدالرحمن الزامل عضو مجلس الشورى، إطلاق مصطلح "قياسية" على الأسعار الحالية التي وصل إليها برميل النفط، مشدداً على أن النفط لا يزال مسعّر بأقل من السعر الحقيقي الواجب أن تحصل عليه الدول المنتجة .
وأضاف:"مصطلح أسعار قياسية بدأ يتردد كثيراً قبل عامين وتحديداً حين تخطى سعر النفط حاجز ال 45دولاراً ...التوقعات تشير إلى أن الأسعار ستصل إلى 130دولارا في نهاية شهر ديسمبر المقبل كون أن العامل الوحيد الذي يتحكم في الأسعار هم المضاربون .. الحق الطبيعي أن ترتفع أسعار النفط بنفس النسب التي ينخفض بها الدولار الأمريكي"
وتابع الدكتور الزامل الذي بدا مرتاحاً لوصول النفط إلى هذه الأسعار: "يجب أن نستفيد من هذه المرحلة التي تشهد فيها أسعار النفط ارتفاعات متوالية وأن تجمع الحكومات الخليجية المنتجة للنفط أكبر قدر من الأموال جراء بيع النفط واستخدامها في المشاريع التنموية التي تنعكس إيجاباً على رفاهية المواطنين".
وأكد الزامل أن الحكومة السعودية أحسنت توزيع السيولة المتاحة من النفط، لكنه قال أن عليها أن تبقى يقظة حيال الإنفاق على مشاريع البنى التحتية وأن لا تنفق كثيراً خوفاً من توافر سيولة عالية يصعب امتصاصها، الأمر الذي قد ينعكس سلبا على الأسعار ويولّد معدلات تضخم عالية .
واستبعد أن يكون ارتفاع النفط أحد المسببات الرئيسية لمعدلات التضخم الحالية، مكتفياً بالقول: "لا علاقة لأسعار النفط بالتضخم .. هو يمثل جزئية بسيطة جداً والعوامل الأكثر في هذا التضخم هي عوامل محلية بحتة".
وطالب الزامل بضرورة قيام الحكومة بتعزيز الصناديق التنموية الموجودة حالياً مثل الصندوق الصناعي والزراعي من خلال ضخ أموال أخرى فيها من أجل أن تحقق أهدافها المستقبلية، مضيفاً : "السعودية ستحقق مداخيل جيدة بسبب طفرة النفط وتوجيه جزء من هذه الأموال إلى الصناديق التنموية سيجلب الكثير من الفوائد".
في المقابل، رأى الدكتور عبدالعزيز العويشق الخبير في الشؤون الاقتصادية، أن زيادة أسعار النفط بمقدار دولار واحد تنعكس إيجاباً على ميزانيات دول مجلس التعاون بنحو 10مليارات دولار لكل دولة، مضيفاً: "هذه الزيادة تنعكس أيضا على الناتج المحلي الإجمالي وزيادته بنحو 1في المائة أو ما يعادل 11مليار دولار".
وزاد الدكتور العويشق : "تبقى هذه الزيادة أسميه نتيجة أنها بالأسعار الحالية ويجب أن ننظر هنا إلى معامل الانكماش الإجمالي الناتج المحلي الذي يقيس تغيير السعر في مجموع إجمالي الناتج المحلي وفي كل من عناصره".
وبينّ أن وصول أسعار النفط إلى هذه المستويات سيؤدي إلى زيادات ملحوظة في دخل الدول الخليجية وارتفاع الناتج المحلي، إضافة إلى زيادة الإنفاق الحكومي، مضيفاً: "ساهم ارتفاع الدخل هذا في تحسين السيولة المتاحة للحكومات .. وانعكاسات هذه الوفرة المالية تتبدى بوضوح من خلال ملاحظة أن دولة خليجية مثل السعودية تمكنت في السنوات الأخيرة من خفض ديونها بشكل كبير". إلا أن العويشق اتفق في الوقت نفسه مع تحذيرات الزامل حول ضرورة حذر الحكومات الخليجية من الإنفاق المتزايد منعاً لحدوث تضخم في الأسعار .. ولم يرغب العويشق التكهن بمستقبل أسعار النفط أسوة بتوقعات الزامل، موضحاً أن السعر الحقيقي لأسعار النفط لا يمكن تحديده بسبب أنه يخضع للعرض والطلب .
وكان سعر الخام الأمريكي الخفيف (نايمكس) قد سجل الأسبوع الماضي ارتفاعا قياسيا جديداً مخترقاً للمرة الاولى في تاريخ التعاملات ببورصة نيويورك للتعاملات الآجلة سقف 110دولارات صعودا حتى 110.20دولارات للبرميل مدعوماً بانخفاض قياسي جديد للدولار امام وحدة النقد الاوروبية اليورو وتزايد التدفقات النقدية نحو السوق النفطية من قبل المضاربين.. وينتظر أن تعقد وكالة الطاقة الدولية اليوم الاثنين اجتماع أزمة مع خبراء في القطاع النفطي لبحث ارتفاع الأسعار التي تسجل أرقاما قياسية منذ عشرة أيام.