حلم طفلة معاقة
بعد ثلاث سنوات من الزواج غلب عليها طابع الحب والإستقرار والتفاهم
وبعد ثلاث سنوات من الإنتظار والإيمان والأمل رزقا بابنتهما بطفلتهما الجميلة
عــلا
تلك الطفلة التي طال إنتظارها ولكن مع فرحتهما بقدومها رافقهما الحزن الكبير والذي كان أكبر من الفرحة في لحظتها
هذا الحزن لأن الطفلة علا ولدت وهي تعاني من إعاقة عقلية
علا الطفلة الجميلة التي ابتليت بالمرض منذ ساعاتها الأولى في الحياة هي ابنة عمتي وهي الوحيدة أيضاً
لا أحد كان يستطيع أن يشعر بمشاعره أهلما وما ينتابهم من ألم وحرقة في القلب لرؤية قلذة كبدهما مريضة أمامها ولا يستطيعون تقديم العلاج اللازم من أجل الشفاء الكامل
ولكن كل ذلك لم يمنعهما من حبها ومن ضمها إلى صدرهما الحنون ومن رعايتها أحسن رعاية حتى لا تشعر بالفرق بين بقية أصدقائها ومن هم في سنها
كل يوم تكبر علا أمام عيونهما محاطة بالحب والحنان
وكل يوم تكبر تكبر معها مخاوفهما من أن يتسبب لها الأخرون بالأذى سواء من توجيه كلمة أونظرة قد تسيء إليها
وقد حاولا قدر الأمكان أن يجعلها تتكيف مع وضعها ومع من حولها ويحاولون أن تكون دائماً حاضرة موجودة بين الأخرين حتى تتأقلم معهم
ودخلت علا المدرسة وكانت من المتفوقين ولكن كان مدرسوها يلاحظون عليها بطء في الإدراك فوجهوا الملاحظة لأهلها وتم نقلها إلى مدرسة خاصة كي تلقى هناك التعليم الخاص
وكم كانت تجرح فؤاد أهلها عندما تقول لهم أن أصدقائها في الحي لا يفهمون عليها وأنهم كانوا يجعلونها تعيد الكلام أكثر من خمس مرات حتى يفهموا عليها
كانت تحرقهم من داخلهم ولكن لم يشعروها بهذا أبدا
كان شبح الإعاقة يخيم عليهم كل يوم ويقض مضجعهم ولا يشعرونها بذلك أبداً
ولكن إيمانهم القوي بالله كان أقوى من كل هم ومن كل شبع ومن كل مصيبة
لم يقفوا مكتوفي الأيدي بل كانوا دائماً معها في البيت وفي المنتزهات ويزرونها في المدرسة ويذهبون معها إلى مراكز الإنشطة والتدريبات التي انتسبت إليها لتمارس هوايتها في الرسم
وكان أهلوها يشجعونها دائماً ويفتخرون بأعمالها أمام الجميع
وإذكر حادثة بسيطة لكن عبرتها كبيرة
في يوم من الأيام كانت علا تشاهد مسلسل عربي ومن خلال الأحداث تم عرض لقطة لمعرض رسم
فطلبت من والدها أن يقيم لها معرض الرسم
فغص الوالد بالدمعة ولكن سرعان ما تهرب منها وقال لها جهزي الرسومات وسأقيم معرض
وفعلاً بعد أربعة أيام حجز في صالة ولكنها ليس مخصصة للمعارض بل مخصص للأفراح وأخذها إلى هناك ورتبوا الصور بطريقة بسيطة لخلو الصالة من التابلوهات وكانت سعادتها بالعمل لا توصف وسعادة أهلها بفرحتها لا تقدر بثمن ومن ثم طبعوا دعوات قليلة ووجهوها لأقرباء المقربين الذين يتفهمون الوضع والغاية
وفعلا حضرنا في اليوم المحدد وكانت علا ارتدت أجمل أثوابها وظهرت أمامنا مثل ملائكة الجنة
ما أروع فرحتها وما أروع طريقة شرحها لنا للوحات وفي النهاية قامت بإهداء كل شخص رسمة بسيطة من رسوماتها
علا تلك الفتاة الرقيقة استمدت قوتها من حب أهلها لها وعنايتهم بها بشكل لا يوصف ودافعهم بذلك خوفهم الشديد وحزنهم الشديد عليها
علا فتاة متفوقة الأن في دراستها هي في المرحلة الإعدادية وهي سعيدة لأنها أصبحت تملك جهاز كمبيوتر منذ أربعة أشهر تقريباً
ولكن علا الإن تعاني من صعوبة النطق أكثر من أول وأصبحت مشيتها غير متزنة مثل الأول وهذا أشبه بكابوس في حياة أهلها
لا يكادون يعون لأنفسهم إلا وتظهر لهم شدة أخرى
ولكنهم معها بحبهم بعاطفتهم بقلوبهم
ولن يلينوا ولن يضعفوا ولن يرضخوا ولن يستسلموا أبداً
لأن علا فلذة كبدهم وثمرة زواجها الجميلة
و عمرهما الذي يفنيان نفسهما من أجلها
بقلم
ريحـــانة الشـــام
منقول لأعضائنا الكرام
nabil